حمى التنقيب عن الذهب بالسودان

الخميس، 18 أكتوبر 2012

 حمى الذهب احدثت عمليات التنقيب عن الذهب لتحط فى أطيب بقاع القارة السمراء في مناطق عديدة بالسودان رواجا اقتصاديا واجتماعيا كبيرا.وتحديداً فى المنطقة الصحراوية الممتدة من ولاية نهر النيل شمال العاصمة الخرطوم، حتى جبال العلاقى والصحراء الشرقية المصرية. على المستويين الرسمي والأهلي، وذكرت الاقتصادية سمية سيد إن التنقيب عن الذهب يعد الآن أحد الحلول التي تعتمد عليها الدولة في سياق البحث عن البدائل بعد خروج عائدات النفط من الموازنة العامة.


وآخر المعلومات والإحصاءات السودانية تقول إن نحو (نصف مليون) مواطن انتشروا خلال الأشهر الأخيرة ينقبون عن الذهب فى صحراء (العتمور) وجزء واسع من سلسلة جبال البحر الأحمر، بعد أن اكتشف السكان المحليون فى ولاية نهر النيل خلال العامين الماضيين كميات من الذهب فى الجبال والوديان والخيران ومراقد المياه، وهو ما دفعهم لامتهان التنقيب (البدائى) والتقليدى، الذى درّ عليهم مبالغ مالية كبيرة، حيث يؤكد السكان أن هناك فقراء فى المنطقة حوّلهم التنقيب عن الذهب وبيعه للتجار إلى أغنياء بين عشية وضحاها.

وتري الخبيرة سمية سيد أن الذهب لن يعوض كل الفاقد، ولكنه من الخيارات والبدائل المهمة، ففي عام 2011 بلغت عائدات الذهب مليارا ونصف مليار دولار، وفى يناير (كانون الثاني) 2012 تم تصدير 50 طنا من الذهب، مما يعكس تعاظم العائدات. كما أن عمليات الحراك في التنقيب عن الذهب تكشف أنه، أي الذهب، لا يشكل عائدا اقتصاديا فحسب؛ وإنما له أيضا مردود اجتماعي تنموي كبير بالنسبة للمنخرطين في عمليات التنقيب عنه، حيث يعمل الآن نحو 200 ألف مواطن في التنقيب الأهلي، كما تعمل أيضا 150 شركة سودانية وأجنبية؛ وإحداها فرنسية، في شرق السودان، وجميعها منحت حق الامتياز للتنقيب عن الذهب.

وقامت السلطات السودانية بتقنين مهنة التنقيب عن الذهب دفع عشرات، بل مئات الآلاف من السودانيين إلى التوافد على الصحراء، بحثاً عن كنوز الطبيعة المدفونة، مما خلق مجتمعات عمرانية جديدة، أتت باقتصاديات عشوائية تدر أرباحاً هائلة، بدءاً من وسائل النقل ومروراً بالأطعمة والمشروبات والملابس، وانتهاءً بكروت الاتصالات.

وتنبأ الاقتصادي سنهوري عيسى ارتفاع عائد الذهب من 1.5 مليار دولار في 2011 إلى 3 مليارات دولار بنهاية عام 2012، وأن وزارة المعادن تعد برنامجا سمته (البرنامج المتسارع للتنقيب)، ينفذ في ثلاثة أشهر ويشتمل على محاور جيولوجية واقتصادية وتوعية للاستفادة القصوى من الذهب بوصفه موردا مهما في الاقتصاد السوداني.

والتنقيب التقليدى عن ذهب السودان يتركز فى مناطق (العنج، ونصب الحصان، وجبل الرجل، والمعقل وقبقبة، ووادى العشار، وأم قمر)، حيث يتم فى ظروف قاسية، بداية من المناطق الوعرة التى تقل فيها المياه والطرق السالكة، وتشتد فيها حرارة الجو فى الصيف بصورة تصيب المواطنين الذين ينقبون عن الذهب بضربات الشمس، بينما تقل حرارة الجو فى الشتاء بشكل قاتل، لكن، ورغم مخاطر التنقيب عن الذهب فى شمال السودان، والتى يأتى فى مقدمتها التعرض للدغات الثعابين والعقارب، بل وهجمات من الذئاب والضباع المنتشرة فى الصحراء، فإن المنقبين لم يكترثوا بذلك، لأنهم خرجوا من ديارهم قاصدين إما العودة بالذهب أو اللاعودة.

واعلن وزير المعادن كمال عبد اللطيف عن اتجاه الحكومة إلى التركيز على زيادة صادرات الذهب والترويج للمعادن الأخرى كالكروم والنحاس والحديد، وتنظيم التعدين الأهلي، وإنشاء مركز شامل متطور لأبحاث التعدين وتأهيل الكوادر البشرية. وكذلك كشف عن اكتمال العمل في مصفاة الذهب بالمنطقة الصناعية (الخرطوم) وأنه سيتم تشغيلها خلال الشهرين المقبلين، مما يسهم في تحقيق الإضافة القيمة للذهب وزيادة صادراته.

كما كشف وزير المعادن عن السعي لحصر المعدنيين الأهليين بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء وتجميعهم في اتحادات وجمعيات إلى جانب توفير خدمات بيئية حيوية لرعايتهم وحمايتهم، ومكاتب فرعية لبنك السودان لشراء الذهب من المعدنيين والعمل على مكافحة التهريب الذي تبذل فيه الجهود الكبيرة بالتعاون مع الجهات المختصة.

وأكد محافظ البنك المركزي الدكتور محمد خير الزبير أن البنك المركزي أصبح المصدر الوحيد للذهب دون أن يمنع أحدا من التصدير، وأنه أخد بتجربتي جنوب أفريقيا وغانا، وأنه يقدم سعرا مجزيا موازيا تماما للسعر العالمي للذهب (أسعار دبي للذهب). وأكد على قيام مصفاة الذهب بطاقة إنتاجية تبلغ 100 طن من الذهب في العام، و50 طنا من الفضة، وأن (المركزي) يشترى طنين من الذهب شهريا بمبلغ 50 مليون دولار تحقق في السنة عائدات تصل إلى 1.5 مليار دولار.

وفي المقابل ، قالت الاقتصادية سمية سيد أن من التحديات التي تواجه التعدين في المناطق المتعددة في الشمال والغرب، عدم وجود بنيات أساسية في مناطق الذهب؛ حيث تفتقر للخدمات البيئية والصحية والتعليم والمياه النظيفة، وكذلك من التحديات الكبيرة في مواقع تعدين الذهب وجود أطفال يبحثون عن الذهب لمساعدة أهلهم مما يحرمهم من التعليم الأساسي، وعدم وجود برنامج توعوي بالاضرار الصحية والبيئية، خاصة اضرار الاستخدام العشوائي لمادة الزئبق المستخدم في عمليات التنقيب.

والطريق إلى(الكنز المدفون) يبدأ من موقف عشوائى بالخرطوم و(أبوحمد)أصبحت قبلة الشباب والعاطلين للعمل فى التنقيب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق