ما علاقته بالنظام النقدى الدولى
يعرف النظام النقدي والمالي الدولي على أنه الكيفية التي تستخدم بها النقود لتسوية المدفوعات الدولية التي تثريها العلاقات الاقتصادية الدولية .
أو كقاعدة عامة يمكن تعريفه بأنه مجموعة القواعد والآليات والتنظيمات التي تتكفل بتصريف أمور العلاقات النقدية بين الدول على نحو يدعم فاعلية التجارة الدولية متعددة الأطراف ومن هنا توقعنا أن ينفرد كل نظام من الأنظمة النقدية العالمية بهيكل فريد من القواعد والتنظيمات والآليات التي تعينه على تحمل تكلفة تأمين استقرار العلاقات الولية ونمو التجارة الدولية بمعدلات مطردة دون أن يترتب على ذلك قلاقل واضطرابات اقتصادية داخل الدولة المختلفة التي يتكون منها الاقتصاد العالمي .
ويتألف النظام النقدي والمالي الدولي بدوره من أربعة معالم وهي كما يلي :
أولا : صور النقود الدولية : وهي ثلاث صور رئيسية :
•الذهب .
•عملات بعض الدول القوية من الناحية الاقتصادية والقابلة للتحويل إلى بعضها الآخر أو قابلة للتحويل إلى الذهب .
•الأصول التي تطرحها المؤسسات النقدية الدولية .
فالصورة الأولى الذهب فهي تشكل عملة فقد احتلت الموقف خلال فترة (1870ـ 1914)وهي الفترة التي شهدت فيها قاعدة الذهب رواجا كبيرا نتيجة لقوة الجنيه الإسترليني من ناحية والدعم الذي قدمه بنك انجلترا من ناحية أخرى .
أما بالنسبة للصورة الثانية وهي العملات القابلة للتحويل ودورها وسيلة الدفع الدولية مثال ذلك الجنيه الإسترليني لكن هذا الأخير بدأ بالتنازل عن مكانته وأفسح المجال إلى الدولار الأمريكي ليصبح كعملة ارتكازي .
أما الصورة الثالثة للنقد العالمي فهي وليدة لنظام النقد العالمي المؤسس في بريتون وودز .
ثانيا : الترتيبات المؤسسية للتمويل الدولي :
ويخضع فيها اختيار العملات لعدد من المعايير نوجزها فيما يلي :
-حجم التجارة الخارجية لدولة ومقدار مساهمتها في التجارة العالمية .
- كفاءة النظام المصرفي للدولة .
-مقدار الاستقرار النقدي داخل الدولة .
- مدى ملائمة العملة واستخدامها في منح القروض وتسوية المدفوعات الدولية .
ثالثا : وجود آليات لتكييف موازين المدفوعات :
وتقوم بتسوية وتصحيح الحسابات في موازين المدفوعات للدول الأعضاء .
رابعا : القوة التي تقود الاقتصاد العالمي :
وهدفها تحقيق النقدي وتكمن فاعليته في تحقيق الشروط الآتية :
-تسهيل عمليات التجارة الدولية وتشجيع حركة رؤوس الأموال .
- توفير آليات التعديل اللازمة لتكييف ميزان المدفوعات بسهولة .
خصائص النظام النقدى :
يتمتع أى نظام نقدى بثلاث خصائص أساسية :
1- كل نظام نقدى يتمتع بخاصية مركبة :
أى أنه يتكون من مجموعة من العناصر ، يوجد من بينها عنصر أساسى ومحدد والبقية تعتبر عناصر ثانوية . والعنصر الأساسى هو الذى يلعب الدور المسيطر فى عملية تنظيم تداول النقود . كما أن خصائص الظواهر النقدية تتحدد بصفة خاصة عن طريق هذا المظهر الرئيسى . أما العناصر الثانوية فهى إما عناصر مشتقة من العنصر الأساسى أو عناصر تابعة له .
والعنصر الأساسى فى النظام النقدى هو (القاعدة النقدية)ذ أو قاعدة القيم ونقصد بها المقياس الذى يتخذه المجتمع أساساً لحساب القيم الاقتصادية أو لمقارنتها بعضها ببعض . وبجانب العنصر الأساسى المتمثل فى «قاعدة النقد» هناك أيضاً العناصر "الثانوية" المندرجة فى النظام النقدى، ومن أهمها نقود القاعدة النقدية ذاتها . أو بمعنى أخر وحدة النقد الرسمية المستخدمة فى الحسابات النقدية ، فلكل اقتصاد قومى وحدة نقد أساسية (الدينار – الجنيه – الدولار) ، ترتكز على المدفوعات الداخلية المترتبة على الالتزامات المالية (البيع ، والشراء ، والأجور ... الخ)
2- النظام النقدى نظام اجتماعى :
بمعنى أنه إذا أردنا أن نحدد معالم النظام النقدى لمجتمع ما ، فمن الضرورى أن ننظر إليه من خلال البيئة الاجتماعية والاقتصادية التى يعمل فيها ، لأن النظم النقدية لم تخلق لذاتها ، وإنما هى أدوات اقتصادية تتخذ لتسهيل إنتاج وتبادل المنتجات ، وهى تعكس بالضرورة الاقتصاد الذى وجدت لخدمته ، بل هى لا تسير إلا وفقاً له . فالنظام النقدى فى الاقتصاد الراسمالى يختلف عن النظام النقدى فى النظام الاشتراكى أو فى الاقتصاد المتخلف . أى أن كل اقتصاد يناسبه نظام نقدى ومصرفى معين . فالنظام النقدى عبارة عن جزئية تنتمى إلى حقيقة كلية هى المجتمع . فالروابط النقدية هى أساساً روابط اجتماعية .
3- النظام النقدى نظام تاريخى :
أى أنه يتطور ويتغير مع تطور وتغير النظام الاقتصادى والاجتماعى، الذى ينتمى إليه ، فالنظام النقدى لا يولد من فراغ أو يتخذ وضعاً ساكناً ، بل هو يولد من خلال الظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة فى فترة معينة، ويتطور بتطور تلك الظروف . وفى كثير من الأحيان يكون سبباً فى تغيرها وشرطاً لتكونها ، وهذا هو الجانب الحركى أو الديناميكى من النظام النقدى.
أنواع النظم النقدية
إن الخاصية الأساسية لأى نظام نقدى هو الإعلان عن أساس قياس القيمة . فالنظام النقدى لأى دولة عبارة عن أنواع النقود المتداولة فى هذه الدولة وجميع المؤسسات والقوانين واللوائح والتنظيمات والإجراءات المنظمة لإصدار النقود وإعدامها ، كل ذلك مستنداً على أساس معين كقياس القيمة . وهناك نوعين من النظم النقدية هما النظام السلعى والنظام القانونى (النظام الائتمانى أو النظام الورقى) ، والنظام السلعى هو ذلك النظام الذى يكون فيه أساس تحديد القيمة هو كمية مسماة من سلعة معينة أو كميات مسماة من سلعتين أو أكثر وبمعنى آخر هو ذلك النظام الذى تكون فيه القوة الشرائية لوحدة النقود فى التداول معادلة للقوة الشرائية لمقياس القيمة المسماة . أما النظام القانونى أو الورقى فهو على عكس النظام السلعى فلا توجد هناك سلعة مسماة متخذة أساساً فى قياس القيمة أو إذا كان هناك مثل هذه السلعة فإن القوة الشرائية لوحدة النقود لا تكون معادلة للقوة الشرائية لمقياس القيمة المسماة .
وقد قامت النظم النقدية السلعية على أساس أن مقياس القيمة إنما يحدد بكمية معينة من الذهب أو الفضة ، وعلى أساس كمية من الذهب والفضة فى نفس الوقت . أما فى النظام النقدى القانونى أو الورقى فإن مقياس القيمة إنما يُحدد بواسطة الجنية الاسترلبنى أو الدولار أو الين اليابانى أو اليورو دون ذكر شىء فيما يتعلق بقيمة هذه الوحدة النقدية محددة بالذهب أو الفضة أو أى سلعة أو مجموعة من السلع .
بصفة عامة فإن إختيار الدول لأحد النظم النقدية والقواعد النقدية التى تطبقها بداخل النظام المختار وتفضيله عن نظام أخر كان يرجع إلى بعض الاعتبارات الخاصة بمزايا النظام النقدى الجيد ، إلا أن الدول اختلفت فى تفضيلها لبعض مزايا نظام على آخر .
أولاً : النظام النقدى المعدنى :
ويطلق على هذا النظام أيضاً قاعدة النقد السلعية ويُعرف بأنه نظام نقدى تعرف فيه وحدة التحاسب النقدية بالنسبة لقدر معين من سلعة واحدة أو بالنسبة لأكثر من سلعة . بمعنى أخر هو ذلك النظام الذى يحدد فى ظله القانون النقدى سعراً ثابتاً – مقياساً بوحدة التحاسب النقدية – للوحدة من هذه السلعة أو من كل تلك السلع التى يقع الاختيار عليها قاعدة للنقد .
هذا ولقد عرف العالم قواعد النقد التى تستخدم سلعة واحدة وتلك التى تستخدم أكثر من سلعة . ومن الأمثلة التقليدية لقواعد النقد التى استخدمت سلعة معدنية واحدة والتى يطلق عليها نظام المعدن الواحد ، هى قاعدة الذهب أو قاعدة الفضة ، وتلك التى استخدمت الذهب والفضة وتعرف بنظام المعدنين .
1- نظام المعدن الواحد (قاعدة الذهب) :
النظام النقدى لأى مجتمع لابد وأن يقوم على قاعدة معينة تسمى بالقاعدة النقدية . وهذه القاعدة تحدد نوع النقود المعيارية ، والتى تعتبر الأساس الذى ينتهى إليه كل أنواع النقود الأخرى ، والتى يمكن لهذه النقود أن ترد إليها ، كما تحدد أيضاً كمية ما تحتويه أو تمثله كل وحدة من وحدات النقود المعيارية من معدن نفيس . فإذا اعتبر مجتمع ما أن وحدة النقود المعيارية الخاصة به تتمثل فى وزن معين من الذهب ، فإن هذا المجتمع يكون قد أخذ بقاعدة الذهب كنظام نقدى لتسوية مدفوعاته الداخلية والخارجية ، مثلما فعلت إنجلترا خلال القرن التاسع عشر حيث ارتبطت بقاعدة الذهب منذ عام 1816 حتى بداية الحرب العالمية الأولى . وبصفة عامة استقر الأمر لقاعدة الذهب خلال الفترة من سنة 1875 حتى عام 1914 ، ليس فقط كنظام نقدى محلى بل مثل أساساً للعلاقات النقدية العالمية ، هذا إلى جانب استمرار الولايات المتحدة الأمريكية العمل به محليا خلال وبعد الحرب حتى عام 1934 كما أن الولايات المتحدة الأمريكية قد سارت على شكل من أشكال قاعدة الذهب – نظام الصرف بالذهب فى المعاملات الدولية – تحت قيود معدنية وتطبيقاً لما عرف بنظام «بريتون وودز» حيث لعب الدولار الأمريكى دور العملة الدولية القابلة للصرف بالذهب وذلك حتى 15 أغسطس 1971 حينما أوقفت حكومة الرئيس نيكسون تحويل الدولار إلى ذهب . وإذا ما اعتبر مجتمع آخر أن النقود المعيارية له تتمثل فى وزن معين من الفضة ، فإنه بذلك يكون قد أخذ بقاعدة الفضة كنظام نقدى له ، وهذا ما كان يحدث حيث أن الفضة نافست الذهب كقاعدة للنقد السلعى قبل القرن التاسع عشر .
وتعتبر قاعدة الذهب موضع حديثناً من أهم القواعد النقدية التى عرفها الإنسان واستخدمها لفترة ليست بالقصيرة ، ولئن كانت كثير من الدول قد خرجت عن قاعدة الذهب ، كأساس لنظامها النقدى ، إلا أن معظم هذه الدول تعتبر خروجها عن قاعدة الذهب خروجاً مؤقتاً تم تحت ظروف استثنائية ، ومن ثم فإنها عادة ما تنتهز الظروف المناسبة أو تعمل على تهيئتها ، للعودة إليه مرة أخرى .
* شروط العمل بنظام المعدن الواحد :
لكى يتحقق تشغيل هذا النظام فى صورته البحتة على المستوى المحلى وفى علاقته بالنظم النقدية الأجنبية التى تقوم على القاعدة المعدنية يقتضى الأمر توافر شروط معينة تتمثل فيما يلى :
1- فى ظل قاعدة الذهب ، تحدد الدولة وزناً معيناً من الذهب ، ذات درجة نقاوة معينة ، وتعتبره وحدة النقود المعيارية لها ، وتطلق عليه اسم كالجنية أو الدولار أو الريال أو الدينار .... الخ . وبالتالى تصبح هذه النقود المعيارية وحدة للحساب ووسيلة للمدفوعات ، لها قوة غير محدودة على إبراء الذمة . فعلى سبيل المثال – فى ظل هذا النظام – كان وزن الذهب الصافى فى الجنيه الإسترلينى مساوياً 7.3 جراماً أو ما يقارب 0.13 من أوقية الذهب .
2- يجب توافر حرية كاملة كسك الذهب بدون مقابل ، أو بتكلفة طفيفة لكل من يطلب تحويل السبائك الذهبية إلى مسكوكات ، ويسمى هذا «بحرية السك» .
3- يجب توافر حرية كاملة لصهر المسكوكات الذهبية ويسمى هذا «بحرية الصهر» .
4- يجب توافر حرية كاملة لتحويل العملات الأخرى المتداولة إلى النقود الذهبية بالسعر القانونى الثابت للذهب والعكس دون أى مقابل .
5- يجب توافر حرية كاملة لاستيراد وتصدير الذهب بمعنى أنها تعطى لأى فرد الحق فى أن يستورد من الخارج أو يصدر إلى الخارج أى كمية يشاء من الذهب ، سواء كان ذلك بغرض الاستثمار طويل أو قصير الأجل ، أو كان ذلك بغرض تسوية مدفوعات دولية .
فإذا ما تحققت هذه الشروط فإن الدولة تكون قد أخذت بقاعدة المسكوكات الذهبية ، حيث يحق لأى فرد أن يستبدل أى كمية من النقود ، مهما صغرت بالذهب ، وللأخذ بقاعدة الذهب ، أو بقاعدة المعدن الواحد بصفة عامة عدة فوائد نجملها فى الآتى :
الفائدة الأولى : تحقيق الاستقرار فى قيمة النقود :
من وظائف النقود أنها مقياس للقيمة وأنها أيضاً مخزن للقوة الشرائية وهذا يتطلب أن تتسم بقدر كبير من الثبات فى قيمتها ، غير أن قيمة النقود تتأثر تأثراً ملحوظاً بكميتها ، بحيث تؤدى الزيادة فى كمية النقود إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأخرى ، وبالتالى انخفاض القوة الشرائية للنقود . كما يؤدى النقص فى كمية النقود إلى انخفاض مستوى أسعار السلع والخدمات الأخرى ، وبالتالى ارتفاع القوة الشرائية للنقود . ولا نعنى بذلك أن كمية النقود هى العنصر الوحيد المؤثر على مستوى الأسعار وبالتالى على قيمتها ، ولكن هناك الكثير من العوامل الأخرى غير النقدية تمارس تأثيرها على مستوى الأسعار.
ومن الأهداف الأساسية التى تأخذ السلطات النقدية على عاتقها عبء تحقيقها ، هو تحقيق الاستقرار فى مستوى الأسعار ، والتأثير على كمية النقود هو أحد الأدوات التى يمكن أن تستخدمها لتحقيق هذا الهدف . والأخذ بقاعدة الذهب يجنب السلطات النقدية عبء استمرار مراقبة الأسعار، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة التقلبات العنيفة فيها . ففى ظل هذه القاعدة ، تتغير كمية من النقود زيادة ونقصا ، بصورة تلقائية فى عكس اتجاه الأسعار ، فإذا ما اجتاحت المجتمع موجة من الارتفاع فى أسعار السلع والخدمات ، فإنها سوف تصيب الذهب كسلعة ضمن ما تصيب، بحيث يصبح سعر الذهب كمعدن أعلى من سعره كنقود ، وهذا من شأنه أن يدفع بالأفراد إلى استخدام المسكوكات الذهبية فى الأغراض الصناعية ، إذا كانت النقود المتداولة تأخذ شكل مسكوكات ، أو يدفعهم لشراء الذهب من البنك المركزى بالسعر القانونى إذا كانت النقود المتداولة تأخذ شكل أوراق بنكنوت قابلة للتحويل إلى ذهب . وفى كلتا الحالتين ، فإن كمية النقود المتداولة ستقل للدرجة التى تدفع بالأسعار مرة أخرى إلى الانخفاض إلى مستواها الطبيعى ، وعلى العكس من ذلك ، نجد أنه إذا أصاب المجتمع حالة من الكساد وانخفاض الأسعار فإن الذهب كسلعة سوف ينخفض ثمنه ، شأنه فى ذلك شأن أى سلعة أخرى ، وهذا سوف يدفع بالأفراد إلى تحويل ما لديهم من ذهب إلى مسكوكات ، أو إلى بيع الذهب إلى البنك المركزى ، وبذلك تزداد كمية من النقود المتداولة مما يعتبر عاملاً من عوامل الإنعاش للاقتصاد القومى .
الفائدة الثانية : توفير وسيلة للمدفوعات الدولية :
لكل مجتمع من المجتمعات عملته الخاصة به ، والتى يتداولها الأفراد ، ويتقبلونها بدون تردد ، على اعتبار أنها تعتبر المعيار المتفق عليه للقيمة ، والمخزن العام للقوة الشرائية ، فالفرد المصرى العادى ينظر إلى الجنيه المصرى على اعتبار أنه العملة ، وينظر إلى ماعداه من العملات على أنها مجرد سلع . كذلك الحال بالنسبة للفرد الأمريكى العادى وهكذا الحال بالنسبة للأفراد العاديين فى المجتمعات المختلفة ، كل منهم يعتبر أن عملته الوطنية دون سواها هى النقود التى ينتهى إليها كل أنواع القيم الأخرى .
هذه النظرة المحلية للنقود وإن كانت لا تتعارض مع متطلبات عمليات التبادل الداخلية ، إلا أنها تعتبر معوقة لعمليات التبادل بين البلدان المختلفة وبالتالى لا تخدم أغراض التجارة الدولية بين الدول .
والذهب كقاعدة للنقود ، يمكن أن يقوم بدوره كوسيلة للمدفوعات الدولية ، فإذا كانت عملة إحدى الدول قابلة للتحويل إلى ذهب ، فإن فى استطاعة أى طرف من أطراف أى عملية تبادل دولية أن يقوم بشراء الذهب بما يعادل قيمة عملته الوطنية ويدفع ثمن ما يشتريه من سلع أى دولة أخرى بالذهب وبمثل هذه الطريقة يمكن للذهب أن يقوم بدور الوسيط فى عمليات التبادل الدولية ويوفر وسيلة مقبولة للدفع . ويقوم الذهب بدور آخر أكثر أهمية حيث يجعل من السهل تبادل العملات المختلفة ببعضها البعض مباشرة ، وتحدد نسب التبادل بين هذه العملات .
الفائدة الثالثة : استقرار معدل التبادل الدولى :
قابلية العملات المختلفة للتحويل إلى ذهب ، وخروج الذهب أو دخولـه نتيجة لانخفاض سعر العملة فى السوق أو ارتفاعه ، يعتبر من العوامل التى تعمل على توازن السعر فى السوق وتمنع التقلبات الكبيرة فيه، ولا يعنى ذلك بطبيعة الحال أن تحركات الذهب خروجاً أو دخولاً تتم نتيجة لأى انخفاض أو ارتفاع فى سعر العملة إذ أن عملية شراء الذهب ونقله وبيعه يصحبها بعض النفقات التى يجب على المشترى أن يتحملها ، وبالتالى فإذا كان الفرق بين سعر العملة فى السوق وبين سعر التعادل من الصغر بحيث لا يتعدى تكلفة تحويل الذهب ، فإن المشترى عادة لا يقوم بمثل هذه العملية ، أما إذا كان الفرق بين سعر العملة فى السوق وبين سعر التعادل أكبر من تكلفة تحويل الذهب ففى هذه الحالة يكون من مصلحته أن يتحمل تكلفة شراء الذهب ونقله .
ونخلص إلى أن المقصود بالاستقرار فى معدل تبادل العملات ببعضها البعض فى السوق وهو ما يسمى بسعر الصرف ، ليس الاستقرار المطلق ولكنه الاستقرار النسبى ، بمعنى أنه فى ظل نظام الذهب يمكن لسعر الصرف أن يزيد أو يقل عن سعر التعادل ، بشرط ألا تتعدى هذه الزيادة أو ذلك النقصان تكلفة نقل الذهب .
يعرف النظام النقدي والمالي الدولي على أنه الكيفية التي تستخدم بها النقود لتسوية المدفوعات الدولية التي تثريها العلاقات الاقتصادية الدولية .
أو كقاعدة عامة يمكن تعريفه بأنه مجموعة القواعد والآليات والتنظيمات التي تتكفل بتصريف أمور العلاقات النقدية بين الدول على نحو يدعم فاعلية التجارة الدولية متعددة الأطراف ومن هنا توقعنا أن ينفرد كل نظام من الأنظمة النقدية العالمية بهيكل فريد من القواعد والتنظيمات والآليات التي تعينه على تحمل تكلفة تأمين استقرار العلاقات الولية ونمو التجارة الدولية بمعدلات مطردة دون أن يترتب على ذلك قلاقل واضطرابات اقتصادية داخل الدولة المختلفة التي يتكون منها الاقتصاد العالمي .
ويتألف النظام النقدي والمالي الدولي بدوره من أربعة معالم وهي كما يلي :
أولا : صور النقود الدولية : وهي ثلاث صور رئيسية :
•الذهب .
•عملات بعض الدول القوية من الناحية الاقتصادية والقابلة للتحويل إلى بعضها الآخر أو قابلة للتحويل إلى الذهب .
•الأصول التي تطرحها المؤسسات النقدية الدولية .
فالصورة الأولى الذهب فهي تشكل عملة فقد احتلت الموقف خلال فترة (1870ـ 1914)وهي الفترة التي شهدت فيها قاعدة الذهب رواجا كبيرا نتيجة لقوة الجنيه الإسترليني من ناحية والدعم الذي قدمه بنك انجلترا من ناحية أخرى .
أما بالنسبة للصورة الثانية وهي العملات القابلة للتحويل ودورها وسيلة الدفع الدولية مثال ذلك الجنيه الإسترليني لكن هذا الأخير بدأ بالتنازل عن مكانته وأفسح المجال إلى الدولار الأمريكي ليصبح كعملة ارتكازي .
أما الصورة الثالثة للنقد العالمي فهي وليدة لنظام النقد العالمي المؤسس في بريتون وودز .
ثانيا : الترتيبات المؤسسية للتمويل الدولي :
ويخضع فيها اختيار العملات لعدد من المعايير نوجزها فيما يلي :
-حجم التجارة الخارجية لدولة ومقدار مساهمتها في التجارة العالمية .
- كفاءة النظام المصرفي للدولة .
-مقدار الاستقرار النقدي داخل الدولة .
- مدى ملائمة العملة واستخدامها في منح القروض وتسوية المدفوعات الدولية .
ثالثا : وجود آليات لتكييف موازين المدفوعات :
وتقوم بتسوية وتصحيح الحسابات في موازين المدفوعات للدول الأعضاء .
رابعا : القوة التي تقود الاقتصاد العالمي :
وهدفها تحقيق النقدي وتكمن فاعليته في تحقيق الشروط الآتية :
-تسهيل عمليات التجارة الدولية وتشجيع حركة رؤوس الأموال .
- توفير آليات التعديل اللازمة لتكييف ميزان المدفوعات بسهولة .
خصائص النظام النقدى :
يتمتع أى نظام نقدى بثلاث خصائص أساسية :
1- كل نظام نقدى يتمتع بخاصية مركبة :
أى أنه يتكون من مجموعة من العناصر ، يوجد من بينها عنصر أساسى ومحدد والبقية تعتبر عناصر ثانوية . والعنصر الأساسى هو الذى يلعب الدور المسيطر فى عملية تنظيم تداول النقود . كما أن خصائص الظواهر النقدية تتحدد بصفة خاصة عن طريق هذا المظهر الرئيسى . أما العناصر الثانوية فهى إما عناصر مشتقة من العنصر الأساسى أو عناصر تابعة له .
والعنصر الأساسى فى النظام النقدى هو (القاعدة النقدية)ذ أو قاعدة القيم ونقصد بها المقياس الذى يتخذه المجتمع أساساً لحساب القيم الاقتصادية أو لمقارنتها بعضها ببعض . وبجانب العنصر الأساسى المتمثل فى «قاعدة النقد» هناك أيضاً العناصر "الثانوية" المندرجة فى النظام النقدى، ومن أهمها نقود القاعدة النقدية ذاتها . أو بمعنى أخر وحدة النقد الرسمية المستخدمة فى الحسابات النقدية ، فلكل اقتصاد قومى وحدة نقد أساسية (الدينار – الجنيه – الدولار) ، ترتكز على المدفوعات الداخلية المترتبة على الالتزامات المالية (البيع ، والشراء ، والأجور ... الخ)
2- النظام النقدى نظام اجتماعى :
بمعنى أنه إذا أردنا أن نحدد معالم النظام النقدى لمجتمع ما ، فمن الضرورى أن ننظر إليه من خلال البيئة الاجتماعية والاقتصادية التى يعمل فيها ، لأن النظم النقدية لم تخلق لذاتها ، وإنما هى أدوات اقتصادية تتخذ لتسهيل إنتاج وتبادل المنتجات ، وهى تعكس بالضرورة الاقتصاد الذى وجدت لخدمته ، بل هى لا تسير إلا وفقاً له . فالنظام النقدى فى الاقتصاد الراسمالى يختلف عن النظام النقدى فى النظام الاشتراكى أو فى الاقتصاد المتخلف . أى أن كل اقتصاد يناسبه نظام نقدى ومصرفى معين . فالنظام النقدى عبارة عن جزئية تنتمى إلى حقيقة كلية هى المجتمع . فالروابط النقدية هى أساساً روابط اجتماعية .
3- النظام النقدى نظام تاريخى :
أى أنه يتطور ويتغير مع تطور وتغير النظام الاقتصادى والاجتماعى، الذى ينتمى إليه ، فالنظام النقدى لا يولد من فراغ أو يتخذ وضعاً ساكناً ، بل هو يولد من خلال الظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة فى فترة معينة، ويتطور بتطور تلك الظروف . وفى كثير من الأحيان يكون سبباً فى تغيرها وشرطاً لتكونها ، وهذا هو الجانب الحركى أو الديناميكى من النظام النقدى.
أنواع النظم النقدية
إن الخاصية الأساسية لأى نظام نقدى هو الإعلان عن أساس قياس القيمة . فالنظام النقدى لأى دولة عبارة عن أنواع النقود المتداولة فى هذه الدولة وجميع المؤسسات والقوانين واللوائح والتنظيمات والإجراءات المنظمة لإصدار النقود وإعدامها ، كل ذلك مستنداً على أساس معين كقياس القيمة . وهناك نوعين من النظم النقدية هما النظام السلعى والنظام القانونى (النظام الائتمانى أو النظام الورقى) ، والنظام السلعى هو ذلك النظام الذى يكون فيه أساس تحديد القيمة هو كمية مسماة من سلعة معينة أو كميات مسماة من سلعتين أو أكثر وبمعنى آخر هو ذلك النظام الذى تكون فيه القوة الشرائية لوحدة النقود فى التداول معادلة للقوة الشرائية لمقياس القيمة المسماة . أما النظام القانونى أو الورقى فهو على عكس النظام السلعى فلا توجد هناك سلعة مسماة متخذة أساساً فى قياس القيمة أو إذا كان هناك مثل هذه السلعة فإن القوة الشرائية لوحدة النقود لا تكون معادلة للقوة الشرائية لمقياس القيمة المسماة .
وقد قامت النظم النقدية السلعية على أساس أن مقياس القيمة إنما يحدد بكمية معينة من الذهب أو الفضة ، وعلى أساس كمية من الذهب والفضة فى نفس الوقت . أما فى النظام النقدى القانونى أو الورقى فإن مقياس القيمة إنما يُحدد بواسطة الجنية الاسترلبنى أو الدولار أو الين اليابانى أو اليورو دون ذكر شىء فيما يتعلق بقيمة هذه الوحدة النقدية محددة بالذهب أو الفضة أو أى سلعة أو مجموعة من السلع .
بصفة عامة فإن إختيار الدول لأحد النظم النقدية والقواعد النقدية التى تطبقها بداخل النظام المختار وتفضيله عن نظام أخر كان يرجع إلى بعض الاعتبارات الخاصة بمزايا النظام النقدى الجيد ، إلا أن الدول اختلفت فى تفضيلها لبعض مزايا نظام على آخر .
أولاً : النظام النقدى المعدنى :
ويطلق على هذا النظام أيضاً قاعدة النقد السلعية ويُعرف بأنه نظام نقدى تعرف فيه وحدة التحاسب النقدية بالنسبة لقدر معين من سلعة واحدة أو بالنسبة لأكثر من سلعة . بمعنى أخر هو ذلك النظام الذى يحدد فى ظله القانون النقدى سعراً ثابتاً – مقياساً بوحدة التحاسب النقدية – للوحدة من هذه السلعة أو من كل تلك السلع التى يقع الاختيار عليها قاعدة للنقد .
هذا ولقد عرف العالم قواعد النقد التى تستخدم سلعة واحدة وتلك التى تستخدم أكثر من سلعة . ومن الأمثلة التقليدية لقواعد النقد التى استخدمت سلعة معدنية واحدة والتى يطلق عليها نظام المعدن الواحد ، هى قاعدة الذهب أو قاعدة الفضة ، وتلك التى استخدمت الذهب والفضة وتعرف بنظام المعدنين .
1- نظام المعدن الواحد (قاعدة الذهب) :
النظام النقدى لأى مجتمع لابد وأن يقوم على قاعدة معينة تسمى بالقاعدة النقدية . وهذه القاعدة تحدد نوع النقود المعيارية ، والتى تعتبر الأساس الذى ينتهى إليه كل أنواع النقود الأخرى ، والتى يمكن لهذه النقود أن ترد إليها ، كما تحدد أيضاً كمية ما تحتويه أو تمثله كل وحدة من وحدات النقود المعيارية من معدن نفيس . فإذا اعتبر مجتمع ما أن وحدة النقود المعيارية الخاصة به تتمثل فى وزن معين من الذهب ، فإن هذا المجتمع يكون قد أخذ بقاعدة الذهب كنظام نقدى لتسوية مدفوعاته الداخلية والخارجية ، مثلما فعلت إنجلترا خلال القرن التاسع عشر حيث ارتبطت بقاعدة الذهب منذ عام 1816 حتى بداية الحرب العالمية الأولى . وبصفة عامة استقر الأمر لقاعدة الذهب خلال الفترة من سنة 1875 حتى عام 1914 ، ليس فقط كنظام نقدى محلى بل مثل أساساً للعلاقات النقدية العالمية ، هذا إلى جانب استمرار الولايات المتحدة الأمريكية العمل به محليا خلال وبعد الحرب حتى عام 1934 كما أن الولايات المتحدة الأمريكية قد سارت على شكل من أشكال قاعدة الذهب – نظام الصرف بالذهب فى المعاملات الدولية – تحت قيود معدنية وتطبيقاً لما عرف بنظام «بريتون وودز» حيث لعب الدولار الأمريكى دور العملة الدولية القابلة للصرف بالذهب وذلك حتى 15 أغسطس 1971 حينما أوقفت حكومة الرئيس نيكسون تحويل الدولار إلى ذهب . وإذا ما اعتبر مجتمع آخر أن النقود المعيارية له تتمثل فى وزن معين من الفضة ، فإنه بذلك يكون قد أخذ بقاعدة الفضة كنظام نقدى له ، وهذا ما كان يحدث حيث أن الفضة نافست الذهب كقاعدة للنقد السلعى قبل القرن التاسع عشر .
وتعتبر قاعدة الذهب موضع حديثناً من أهم القواعد النقدية التى عرفها الإنسان واستخدمها لفترة ليست بالقصيرة ، ولئن كانت كثير من الدول قد خرجت عن قاعدة الذهب ، كأساس لنظامها النقدى ، إلا أن معظم هذه الدول تعتبر خروجها عن قاعدة الذهب خروجاً مؤقتاً تم تحت ظروف استثنائية ، ومن ثم فإنها عادة ما تنتهز الظروف المناسبة أو تعمل على تهيئتها ، للعودة إليه مرة أخرى .
* شروط العمل بنظام المعدن الواحد :
لكى يتحقق تشغيل هذا النظام فى صورته البحتة على المستوى المحلى وفى علاقته بالنظم النقدية الأجنبية التى تقوم على القاعدة المعدنية يقتضى الأمر توافر شروط معينة تتمثل فيما يلى :
1- فى ظل قاعدة الذهب ، تحدد الدولة وزناً معيناً من الذهب ، ذات درجة نقاوة معينة ، وتعتبره وحدة النقود المعيارية لها ، وتطلق عليه اسم كالجنية أو الدولار أو الريال أو الدينار .... الخ . وبالتالى تصبح هذه النقود المعيارية وحدة للحساب ووسيلة للمدفوعات ، لها قوة غير محدودة على إبراء الذمة . فعلى سبيل المثال – فى ظل هذا النظام – كان وزن الذهب الصافى فى الجنيه الإسترلينى مساوياً 7.3 جراماً أو ما يقارب 0.13 من أوقية الذهب .
2- يجب توافر حرية كاملة كسك الذهب بدون مقابل ، أو بتكلفة طفيفة لكل من يطلب تحويل السبائك الذهبية إلى مسكوكات ، ويسمى هذا «بحرية السك» .
3- يجب توافر حرية كاملة لصهر المسكوكات الذهبية ويسمى هذا «بحرية الصهر» .
4- يجب توافر حرية كاملة لتحويل العملات الأخرى المتداولة إلى النقود الذهبية بالسعر القانونى الثابت للذهب والعكس دون أى مقابل .
5- يجب توافر حرية كاملة لاستيراد وتصدير الذهب بمعنى أنها تعطى لأى فرد الحق فى أن يستورد من الخارج أو يصدر إلى الخارج أى كمية يشاء من الذهب ، سواء كان ذلك بغرض الاستثمار طويل أو قصير الأجل ، أو كان ذلك بغرض تسوية مدفوعات دولية .
فإذا ما تحققت هذه الشروط فإن الدولة تكون قد أخذت بقاعدة المسكوكات الذهبية ، حيث يحق لأى فرد أن يستبدل أى كمية من النقود ، مهما صغرت بالذهب ، وللأخذ بقاعدة الذهب ، أو بقاعدة المعدن الواحد بصفة عامة عدة فوائد نجملها فى الآتى :
الفائدة الأولى : تحقيق الاستقرار فى قيمة النقود :
من وظائف النقود أنها مقياس للقيمة وأنها أيضاً مخزن للقوة الشرائية وهذا يتطلب أن تتسم بقدر كبير من الثبات فى قيمتها ، غير أن قيمة النقود تتأثر تأثراً ملحوظاً بكميتها ، بحيث تؤدى الزيادة فى كمية النقود إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأخرى ، وبالتالى انخفاض القوة الشرائية للنقود . كما يؤدى النقص فى كمية النقود إلى انخفاض مستوى أسعار السلع والخدمات الأخرى ، وبالتالى ارتفاع القوة الشرائية للنقود . ولا نعنى بذلك أن كمية النقود هى العنصر الوحيد المؤثر على مستوى الأسعار وبالتالى على قيمتها ، ولكن هناك الكثير من العوامل الأخرى غير النقدية تمارس تأثيرها على مستوى الأسعار.
ومن الأهداف الأساسية التى تأخذ السلطات النقدية على عاتقها عبء تحقيقها ، هو تحقيق الاستقرار فى مستوى الأسعار ، والتأثير على كمية النقود هو أحد الأدوات التى يمكن أن تستخدمها لتحقيق هذا الهدف . والأخذ بقاعدة الذهب يجنب السلطات النقدية عبء استمرار مراقبة الأسعار، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة التقلبات العنيفة فيها . ففى ظل هذه القاعدة ، تتغير كمية من النقود زيادة ونقصا ، بصورة تلقائية فى عكس اتجاه الأسعار ، فإذا ما اجتاحت المجتمع موجة من الارتفاع فى أسعار السلع والخدمات ، فإنها سوف تصيب الذهب كسلعة ضمن ما تصيب، بحيث يصبح سعر الذهب كمعدن أعلى من سعره كنقود ، وهذا من شأنه أن يدفع بالأفراد إلى استخدام المسكوكات الذهبية فى الأغراض الصناعية ، إذا كانت النقود المتداولة تأخذ شكل مسكوكات ، أو يدفعهم لشراء الذهب من البنك المركزى بالسعر القانونى إذا كانت النقود المتداولة تأخذ شكل أوراق بنكنوت قابلة للتحويل إلى ذهب . وفى كلتا الحالتين ، فإن كمية النقود المتداولة ستقل للدرجة التى تدفع بالأسعار مرة أخرى إلى الانخفاض إلى مستواها الطبيعى ، وعلى العكس من ذلك ، نجد أنه إذا أصاب المجتمع حالة من الكساد وانخفاض الأسعار فإن الذهب كسلعة سوف ينخفض ثمنه ، شأنه فى ذلك شأن أى سلعة أخرى ، وهذا سوف يدفع بالأفراد إلى تحويل ما لديهم من ذهب إلى مسكوكات ، أو إلى بيع الذهب إلى البنك المركزى ، وبذلك تزداد كمية من النقود المتداولة مما يعتبر عاملاً من عوامل الإنعاش للاقتصاد القومى .
الفائدة الثانية : توفير وسيلة للمدفوعات الدولية :
لكل مجتمع من المجتمعات عملته الخاصة به ، والتى يتداولها الأفراد ، ويتقبلونها بدون تردد ، على اعتبار أنها تعتبر المعيار المتفق عليه للقيمة ، والمخزن العام للقوة الشرائية ، فالفرد المصرى العادى ينظر إلى الجنيه المصرى على اعتبار أنه العملة ، وينظر إلى ماعداه من العملات على أنها مجرد سلع . كذلك الحال بالنسبة للفرد الأمريكى العادى وهكذا الحال بالنسبة للأفراد العاديين فى المجتمعات المختلفة ، كل منهم يعتبر أن عملته الوطنية دون سواها هى النقود التى ينتهى إليها كل أنواع القيم الأخرى .
هذه النظرة المحلية للنقود وإن كانت لا تتعارض مع متطلبات عمليات التبادل الداخلية ، إلا أنها تعتبر معوقة لعمليات التبادل بين البلدان المختلفة وبالتالى لا تخدم أغراض التجارة الدولية بين الدول .
والذهب كقاعدة للنقود ، يمكن أن يقوم بدوره كوسيلة للمدفوعات الدولية ، فإذا كانت عملة إحدى الدول قابلة للتحويل إلى ذهب ، فإن فى استطاعة أى طرف من أطراف أى عملية تبادل دولية أن يقوم بشراء الذهب بما يعادل قيمة عملته الوطنية ويدفع ثمن ما يشتريه من سلع أى دولة أخرى بالذهب وبمثل هذه الطريقة يمكن للذهب أن يقوم بدور الوسيط فى عمليات التبادل الدولية ويوفر وسيلة مقبولة للدفع . ويقوم الذهب بدور آخر أكثر أهمية حيث يجعل من السهل تبادل العملات المختلفة ببعضها البعض مباشرة ، وتحدد نسب التبادل بين هذه العملات .
الفائدة الثالثة : استقرار معدل التبادل الدولى :
قابلية العملات المختلفة للتحويل إلى ذهب ، وخروج الذهب أو دخولـه نتيجة لانخفاض سعر العملة فى السوق أو ارتفاعه ، يعتبر من العوامل التى تعمل على توازن السعر فى السوق وتمنع التقلبات الكبيرة فيه، ولا يعنى ذلك بطبيعة الحال أن تحركات الذهب خروجاً أو دخولاً تتم نتيجة لأى انخفاض أو ارتفاع فى سعر العملة إذ أن عملية شراء الذهب ونقله وبيعه يصحبها بعض النفقات التى يجب على المشترى أن يتحملها ، وبالتالى فإذا كان الفرق بين سعر العملة فى السوق وبين سعر التعادل من الصغر بحيث لا يتعدى تكلفة تحويل الذهب ، فإن المشترى عادة لا يقوم بمثل هذه العملية ، أما إذا كان الفرق بين سعر العملة فى السوق وبين سعر التعادل أكبر من تكلفة تحويل الذهب ففى هذه الحالة يكون من مصلحته أن يتحمل تكلفة شراء الذهب ونقله .
ونخلص إلى أن المقصود بالاستقرار فى معدل تبادل العملات ببعضها البعض فى السوق وهو ما يسمى بسعر الصرف ، ليس الاستقرار المطلق ولكنه الاستقرار النسبى ، بمعنى أنه فى ظل نظام الذهب يمكن لسعر الصرف أن يزيد أو يقل عن سعر التعادل ، بشرط ألا تتعدى هذه الزيادة أو ذلك النقصان تكلفة نقل الذهب .